إقرار قانون الدين العام «قريباً» كأداة تمكّن الدولة من الاقتراض
نورة الفصام: لا ضريبة دخل على الأفراد.. الآن
كشفت وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار نورة الفصام، عن أنه لا نية لفرض ضريبة على دخل الأفراد الآن.
وقالت الفصام، في لقاء مع قناة «العربية» على هامش مشاركتها في منتدى دافوس الاقتصادي، أن الكويت ستقوم بتفعيل عدد من الأدوات المالية على رأسها قانون الدين العام الذي سيتيح للدولة الاقتراض من الأسواق، مشددة على أن الكويت تتمتع باحتياطيات مالية قوية ولديها صندوق سيادي يعتبر ضمن أكبر 5 صناديق سيادية على مستوى العالم، كما أن البلاد لديها تصنيف ائتماني «عالٍ»، وبالتالي فإننا قادرون على دخول أسواق رأس المال والاقتراض في الفترة المقبلة بعد تفعيل القانون، ونتوقع إقرار القانون قريباً، حيث تسعى الحكومة إلى وجود القانون وتفعيله ليكون أداة موجودة ومتوافرة للدعم.
وفي ردها على سؤال حول عودة الكويت إلى سوق السندات الدولية هذا العام، قالت الفصام «طبعا يعتمد، نحتاج أن تكون هناك فرصة للدخول في هذه الأسواق حسب الأسعار وسعر الفائدة المتوقع، وستكون هناك دراسة ومشاورات لتحديد زمن الدخول، لكن نعتقد أنه بعد صدور القانون قريباً ستكون لدينا خطة واستراتيجية متى ندخل إلى الأسواق؟».
وذكرت الوزيرة الفصام أن الكويت تعمل حالياً على وجود نظام ضريبي كامل وشامل يتماشى مع الالتزامات الدولية خاصة الركيزة الثانية وآليات العمل مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (oecd)، والتي من خلالها تم فرض ضريبة بواقع 15% على الكيانات الأجنبية المتعددة الجنسيات التي تفوق إيراداتها 750 مليون يورو، حيث ستبدأ الضريبة من أول يناير 2025 لتدخل حيز التنفيذ.
وقالت الفصام «حتى الآن لا توجد ضريبة دخل على الأفراد، وطبعاً هناك التزامات مع باقي دول الخليج ومازلنا ندرس متى يمكن أن نطبق هذه الضرائب، لكن ليست للفترة الحالية لأننا نريد أن تكون هناك دراسة شاملة نعرف من خلالها حجم التقدم في هذه المرحلة، لنتأكد أن الضريبة التي سنطبقها ستكون مجدية للدولة، وذلك بالتزامن مع تفعيل أدوات أخرى داخل الدولة تباعاً».
وأوضحت أن الشركات الكويتية تفرض عليها ضريبة الزكاة ودعم العمالة ونسبة من صافي الأرباح إلى مؤسسة الكويت للتقدم العلمي.
وحول مبدأ العدالة الضريبية، قالت «نحن نهدف الى أن تكون هناك مساواة وعدالة ضريبية وبالتالي سنقيم معادلة لكي يعمل الكل بشفافية بأن تكون هناك ضريبة على دخل أعمال الشركات داخل الكويت، وهذا قانون جار الآن إعداده ليطبق الـ 15% على جميع الشركات لتكون هناك عدالة ضريبية ومنع التهرب الضريبي، ولكن هناك إعفاءات للقطاعات الحيوية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والاستراتيجية التي تستهدف الدولة تشجيعها».
وفي بداية حديثها خلال اللقاء، قالت الوزيرة الفصام: «يسعدني المشاركة في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، والذي يعقد هذا العام تحت عنوان التعاون من أجل العصر الذكي، وبالتأكيد فإن هذا الشعار يأتي في وقت حساس للغاية بسبب التداعيات الجيوسياسية أو حتى التغيرات السريعة في الأمور الاقتصادية مثل تذبذب أسعار النفط وغيرها، ولا يخفى أن هناك تحديات كثيرة من ناحية أسعار النفط التي نرى أنها تتذبذب بعد هذه التصريحات في الأسواق، لكن نعتقد أن ظهور الأثر عقب تنفيذ هذه الخطط يأخذ فترة من الزمن، فضلاً عن أن ظهور الأثر الاقتصادي على الدول المصدرة والمنتجة للنفط يمكن أن يكون له أثر طويل الأمد وليس قصير الأمد، وبالفعل تذبذب الأسعار مع خفض مستويات الإنتاج المطبقة على حصص دول «أوپيك» ساهم في تباطؤ الاقتصاد خصوصاً الاقتصاد المحلي».
وقالت أن التباطؤ الاقتصادي المحلي كان بسبب تغير حصص الإنتاج وفقاً لاتفاق «أوپيك+» وانخفاض أسعار النفط، ولكن هناك بارقة أمل ونحن متفائلون بالمستقبل القريب خصوصاً أننا نمضي في زيادة الإنفاق الرأسمالي، وهناك أيضاً عوامل أخرى في الاقتصاد وهو التضخم ومحاولة التحكم فيه، بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفائدة والمسار التنازلي الذي سيدفع بزيادة معدلات المشاريع والاقتراض من قبل كبار الشركات في الدولة، والتي يمكنها كذلك جذب المزيد من الاستثمارات داخل الكويت، الأمر الذي سيسهم في تنشيط عجلة التنمية، والذي نتوقع أن يكون في البداية بحدود 2.6% خلال العام الحالي، وهذا يتماشى مع توقعات البنك الدولي، مشيرة إلى أنه للوصول إلى التعافي المطلوب سيكون بالتزامن مع تنفيذ تلك الخطط ودفع الاستثمارات والتنوع الاقتصادي، وبالتالي سوف تدخل الكويت مرحلة جديدة من تنويع الدخل مع وجود إصلاحات مالية واقتصادية جادة ونسعى لأن يكون هناك اقتصاد مرن ومستدام خلال المرحلة المقبلة.
«مرحلة ذهبية»
وذكرت أن هناك مستهدفات يتم العمل عليها في السياسة المالية بحيث يكون هناك اتزان مالي في الدولة عبر إصدار مجموعة من التشريعات الاقتصادية، مشيرة إلى أن الكويت في «مرحلة ذهبية» بدعم وجود تشريعات تدفع بالاقتصاد المحلي إلى الطريق الإيجابي لدعم قطاعي الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتحسين بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الأجنبية من خلال هيئة تشجيع الاستثمار المباشر التي قطعت شوطاً كبيراً منذ تأسيسها حتى اليوم، مبينة أن هيئة تشجيع الاستثمار نجحت في جذب استثمارات أجنبية بأكثر من 5 مليارات دولار منذ تأسيسها، وهذه الاستثمارات موزعة على العديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة، لافتة إلى أن الكويت تركز حالياً في توجيه المزيد من الاستثمارات الأجنبية في قطاع الطاقة المتجددة ولدينا قطاعات البنية التحتية ولدينا مشاريع ضخمة ونعمل في مشاريع الطاقة النظيفة.
وأشارت إلى أنه من المشاريع التي تركز عليها الكويت حالياً هي المشاريع السياحية والمتمثلة في جذب السياحة العائلية من منطقة الخليج، وهو ما نجحت خلاله الكويت في بطولة «خليجي زين 2026» التي شهدت وجود سياحة من دول الخليج، الأمر الذي أسهم في تنشيط الاقتصاد المحلي خلال البطولة.
وقالت أنه من القطاعات الواعدة التي تركز عليها الكويت هو قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بالتعاون مع كبريات الشركات العالمية، وتوجد لدينا خطة جادة في العمل ونقل المعرفة داخل الكويت من خلال وجود مراكز بيانات وفرص عمل، ونحن نؤمن كدولة الكويت بأن الاستثمار في العنصر البشري مهم جداً بحيث نخلق فرص عمل للكفاءات داخل الكويت.
من جهة أخرى، ورداً على سؤال حول وجود نسبة معينة للإيرادات غير النفطية في الميزانية، قالت الفصام: حالياً نسعى في البداية لأنها تكون نحو 10%، ونطمح لأن تصعد هذه النسبة أسوة بدول الخليج ونصل إلى نسب عالية تخفف من اعتمادنا على مصدر وحيد للدخل متمثل في مبيعات النفط الخام.
العجز المتوقع
وفي ردها على سؤال حول العجز المتوقع في الميزانية خلال العام المالي الحالي عند 5.6 مليارات دينار، وهل سنرى الأرقام النهائية أقل من ذلك وإذا كان هناك عجز فكيف سيتم تمويله؟ قالت الفصام: نطمح لأن يكون هناك عجز في الميزانية بالمستوى الذي نتحدث عنه، مشيرة إلى أنه تم تثبيت سقف المصروفات وتنويع الإيرادات ضمن أهداف البلاد الاستراتيجية التي نسعى من خلالها خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وحول العجز النهائي للسنة المالية الذي من الممكن أن يكون أقل من المقدر قالت باقتضاب «لا نعتقد أنه في هذه الحدود بإذن الله».
وأضافت أن هناك خطوات جادة في تنويع الاقتصاد وضخ المزيد من الاستثمارات داخل الدولة من القطاعين العام والخاص، خصوصاً أن لدى البلاد هيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص والتي ستقوم بدورها في طرح الكثير من المشاريع، وسيتم تسريع وتيرة التنمية الاقتصادية المستدامة.
استقطاب الاستثمارات الأجنبية
من جهة أخرى، قالت وزارة المالية في بيان صحافي أمس إن الكويت شاركت في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي المقام في مدينة دافوس بالاتحاد السويسري، حيث ترأس وفد البلاد المشارك في المنتدى وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار نورة الفصام ممثلة عن سمو الشيخ أحمد العبدالله رئيس مجلس الوزراء، وذلك بمشاركة واسعة للعديد من القادة ورؤساء الدول والحكومات وصناع القرار في مختلف الهيئات والمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية وممثلين عن مؤسسات المجتمع المدني في مختلف أنحاء العالم.
وأشارت «المالية»، في بيانها إلى أن المنتدى يعقد خلال الفترة من 20 حتى 24 الجاري تحت عنوان «التعاون من أجل العصر الذكي» من خلال عدة جلسات حوارية ومباحثات مشتركة تركز على البحث عن حلول واستكشاف فرص جادة في إطار الجهود الدولية لمواجهة عدم الاستقرار العالمي الناتج عن الصراعات الجيوسياسية والتحديات التي ترتبت على أثرها، كما يركز المنتدى على المتغيرات الاقتصادية العالمية والتي تلقي بظلالها على اقتصادات مختلف الدول، ومن أهمها الحلول والرؤى للحد من التغيرات المناخية، بالإضافة إلى عدد من مواضيع التعاون المشترك ذات الاهتمام على المستوى العالمي ومنها: الذكاء الاصطناعي وتوظيفه لصالح الاقتصاد العالمي، وتأثير التكنولوجيا على النمو الاقتصادي والأمن السيبراني.
ومن المقرر أن تناقش وزيرة المالية خلال مشاركتها في المنتدى مع العديد من المسؤولين وصناع القرار مجموعة من القضايا المهمة التي تشمل تعزيز الشراكات الدولية، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وآفاق الاقتصاد العالمي وسط التطورات الاقتصادية، بالإضافة إلى لقائها بعدد من المسؤولين والقياديين على مستوى القطاع العام والقطاع الخاص في مختلف الدول لتسليط الضوء على جهود الكويت الاقتصادية نحو بناء اقتصاد متنوع ومستدام، وإمكانية مساندة الشركاء الدوليين في تحقيق ذلك وفرص التعاون المحتملة.
تجدر الإشارة إلى أن نورة الفصام ستشارك في جلستين حواريتين، الأولى بتنظيم المنتدى الاقتصادي العالمي للحديث عن نظرة طويلة المدى للنمو الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، أما الثانية بتنظيم من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشأن التنوع الاقتصادي وأثره على الاستدامة، ودور دول مجلس التعاون في النمو الاقتصادي العالمي وبمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وعدد من وزراء المال والاقتصاد في دول المجلس.
وتأتي هذه المشاركة ضمن التزام الكويت بتعزيز مكانتها على الساحة الدولية وتعاونها ضمن الجهود والمساعي الدولية لدعم التنمية الاقتصادية المستدامة على مختلف المستويات الإقليمية والعالمية.
0 التعليقات:
أضف تعليقك