• رئيس التحرير: ماجد التركيت
الأربعاء 30/أبريل/2025
عائلة البسام .. نهضة في العلم ونبوغ في التجارة

عائلة البسام .. نهضة في العلم ونبوغ في التجارة

  • التاجر محمد علي عبدالله البسام كان من المؤسسين العشرة لبنك الكويت الوطني عام 1952

  • هاجر عدد من أفراد البسام من مدينة عنيزة في منطقة القصيم النجدية للتجارة وطلب الرزق

  • أكبر تجار نجد آنذاك الشيخ عبدالله عبدالرحمن البسام المتوفى عام 1906م

  • محمد عبدالله البسام المتوفى عام 1934م، فقد توسعت تجارته في دمشق، وأصبح يدير عدة قوافل تجارية بين الشام والعراق

  • أول من سافر إلى الهند من عائلة البسام هو حمد محمد عبدالعزيز حمد البسام في عام 1863م

  • عُرف عن عبدالعزيز أنه كان التاجر الذي يدفع أعلى ضريبة جمارك في البحرين

  • نبغ في هذه الأسرة عدد كبير من رجال العلم والدين وكانوا سباقين في التعلم

  • من آثار عائلة البسام "بيت البسام" الواقع في منطقة القصيم

  • السيدة عزيزة محمد البسام التي سخرت جل وقتها لأعمال الخير داخل وخارج الكويت

 

 للعائلات الكويتية العريقة دور كبير في بناء الكويت منذ بداياتها وحتى وقتنا الحاضر فمنهم من كان له الدور السياسي البارز وعلاقاته السياسية داخل وخارج الكويت، ومنهم من حكم المناطق المجاورة، ومنهم قاضي الجماعة، ومن له الدور التجاري والاقتصادي ، معتمدين على ما كتب عنهم في كتب الآثار والتاريخ. 

 وفيما يلي نلقي نظرة على تاريخ تلك العائلات ودورها في العلم والتجارة والنهضة  .. 

عائلة البسام:  

مؤسس عائلة البسام في عنيزة هو حمد (المتوفى 1792م) بن إبراهيم بن عبدالله بن أحمد بن محمد بن عبدالله بن بسام بن عقبة بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب في مدينة أُشيقر بنجد التي تعد مقر فخذ الوهبة من قبيلة بني تميم المضرية العدنانية. وقد أنجب بسام ثلاثة أبناء هم عبدالله ومنيف وعساكر تكونت منهم مجموعة أسر البسام النجدية والخليجية المعروفة. 

وقد هاجر عدد من أفراد البسام من مدينة عنيزة في منطقة القصيم النجدية للتجارة وطلب الرزق، وانتشروا في عدة مدن ودول خليجية وعربية وحتى الهند. وأينما حطوا أصبحوا جزءاً من نسيجها السكاني بصدقهم وإخلاصهم في عملهم وتدينهم وحسن معاملتهم للآخرين، وبما يتمتعون به من صفات شرف الكلمة ونقاء السلوك.

وتشير مجلة "الرجل" أن منطقة نجد كانت متباعدة الأطراف يصعب التنقل فيها، ومحفوفة بمخاطر الغزو والسلب والحروب السياسية بين المدن والأمارات، لكن أفراد هذه الأسرة تغلبوا على هذه المشاكل واستطاعوا الانتشار خلال القرن التاسع عشر الميلادي فوصلوا إلى جدة ومكة والبحرين والكويت والبصرة وبغداد ودمشق والهند كبقية تجار ذلك الزمن، مستخدمين في تجارتهم وتنقلاتهم ظاهرة "قوافل العقيلات" التي نشأت في القرن السابع عشر الميلادي كمهنة امتهنها أفراد من مدن نجد كانوا يتولون حماية نقل البضائع والناس من وإلى مدن نجد.

وهاهو أكبر تجار نجد آنذاك الشيخ عبدالله عبدالرحمن البسام المتوفى عام 1906م يقوم لأول مرة في عام 1860م بفتح فروع تجارية له في عدة مدن منها عنيزة ومكة وجدة والبحرين والبصرة ودمشق، مستعيناً بأبنائه في إدارتها. وهو أول من نقل نخيل البرحي من البصرة في عام 1893م إلى عنيزة على جمال قطعت مسافة تجاوزت 800 كيلومتر وغرسها في مزرعته "المنيفية" بعنيزة، لتنتشر بعدها في أرجاء المملكة العربية السعودية.

أما ابنه محمد عبدالله البسام المتوفى عام 1934م، فقد توسعت تجارته في دمشق، وأصبح يدير عدة قوافل تجارية بين الشام والعراق ونجد كان عددها يصل إلى 3000 جمل، وفي عام 1920 ساهم محمد في تأسيس أول خط سيارات حمل اسم "NAIRN" بين دمشق وبغداد. وكان له في دمشق ديوان مفتوح لكل مسافر وضيف، وسميت الحارة التي كان يقطنها في دمشق القديمة بحارة البسام تخليداً لذكراه واعتمدت كمنطقة أثرية. وكان الرحالة البريطانيون والألمان يلجأون إليه لمساعدتهم في الوصول إلى الجزيرة العربية.

أشهر التجار:

ويذكر تاريخ العائلة أن أول من سافر إلى الهند من عائلة البسام هو حمد محمد عبدالعزيز حمد البسام في عام 1863م، حيث أسس لنفسه مكتباً تجارياً عام 1891م، ولحقه بعدها تجار آخرون من الأسرة وأصبحوا مشهورين. منهم مثلاً التاجر حمد سليمان حمد البسام، والتاجر صالح بن عبدالله البسام الذي نشر شماغ البسام الأحمر في الجزيرة العربية، والتاجر محمد علي عبدالله البسام (المتوفى 1984م) الذي أصبح أشهر التجار العرب في الهند وبقي أولاده في بومبي من بعده حتى هذا التاريخ.

وفي مملكة البحرين، تمركزت تجارة كل من التاجر سليمان حمد البسام والتاجر عبدالعزيز علي البسام وأصبحا من أشهر تجارها في القرن الماضي. وعُرف عن عبدالعزيز أنه كان التاجر الذي يدفع أعلى ضريبة جمارك في البحرين. أما التاجر عبدالله عبد العزيز البسام فقد ترأس وساهم في تأسيس بنك الريف في لبنان.

شجرة عائلة البسام:

ولحفظ تاريخ عائلة البسام، قام أحد كبارها عالم الدين واللغة الشيخ محمد سليمان عبدالعزيز البسام المتوفى عام 2010م بالحفاظ على سجل عائلة البسام لديه، وكذلك أشرف على شجرة عائلة البسام التي أعدت عام 1905م من قبل جده لأمه المؤرخ المعروف الشيخ عبدالله محمد عبدالعزيز البسام المتوفى عام 1927م (مؤلف كتاب تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق)، واستمر تحديثها وتجديد طباعتها كل عقد. كما يعد عالم الدين ورئيس محاكم الإستئناف والمدرس بالحرم المكي الشيخ عبدالله عبدالرحمن صالح البسام المتوفى عام 2003م من أهم العلماء الذين أرخوا للجزيرة العربية ونجد في كتابه الضخم "علماء نجد خلال ثمانية قرون"، وكتابه "خزانة التواريخ النجدية"استطاع فيها أن يحفظ تواريخ وأنساب كل علماء نجد خلال القرون الثمانية الماضية بالإضافة إلى خمسة عشر مؤلفاً آخر.

وإلى جانب التجارة، نبغ في هذه الأسرة عدد كبير من رجال العلم والدين وكانوا سباقين في التعلم، منهم الأستاذ عبدالرحمن إبراهيم البسام المتوفى عام 1974م الذي نال شهادة الماجستير في القانون من جامعة فؤاد في القاهرة عام 1939م، والدكتور حمد عبدالله البسام المتوفى عام 1991م الذي تخرج من كلية الطب بجامعة بومبي عام 1943م، والدكتور عبدالعزيز إبراهيم البسام المتوفى عام 2005م  الذي حصل على الدكتوراه في التربية من جامعة برمنجهام في بريطانيا عام 1948م وساهم في تأسيس جامعة العين في الإمارات العربية المتحدة، والدكتور أحمد إبراهيم البسام  المتوفى عام 2002م الذي حصل على الدكتوراه في القانون التجاري من جامعة باريس في عام 1954م.

ومن آثار عائلة البسام "بيت البسام" الواقع في منطقة القصيم. ويعتبر هذا البيت أحد المعالم الهامة الذي يقصده الزوار، وهو عبارة عن قصر طيني تزيد مساحته على ثلاثة ألاف وخمسمائة متر مربع مبنيا حسب الطراز النجدي ويمثل فترة من تطور العمارة في محافظة عنيزة.

عائلة البسام في الكويت:

وفي الكويت، زوّد طارق محمد سليمان البسام مجلة "الرجل" بجانب من تاريخ العائلة في هذه الدولة، منها أن الكويت لم تغب عن أعين التجار من أسرة البسام، فقد كانوا يترددون عليها، ويلمسون طيبة وحسن معشر أهلها، والاستقرار السياسي والتطور الاجتماعي فيها. ثم بدأ عدد منهم في القدوم للكويت في منتصف القرن التاسع عشر، واستقروا فيها. وكعادتهم اندمج أفراد عائلة البسام في المجتمع الكويتي، وأصبحوا جزءاً من تركيبته، ثم توالى قدوم بعض من أبناء عمومتهم.

ومن رجالات البسام في الكويت التاجر محمد علي عبدالله البسام الذي كان من المؤسسين العشرة لبنك الكويت الوطني عام 1952م. وذلك عبر وكيله سيد سليمان سيد علي الرفاعي.

ومن شخصيات العائلة أيضاً، محمد سليمان البسام (1896- 1991م) وأولاده بسام وعبدالحميد ويحيى وعبدالرحمن والدكتور صادق وخالد وطارق وناجي. فقد غادر الوالد محمد عنيزة يافعاً إلى الشام وعمل في مكتب محمد عبدالله البسام. وحينما أتقن العمل التجاري، عاد إلى المملكة العربية السعودية ليعمل في التجارة في عدن وجيزان وجدة والمنطقة الشرقية والبحرين. فكان من كبار تجار المواد الغذائية ومعدن الذهب. ثم استقر أخيراً في الكويت. وواصل أبناؤه من بعده أعمالاً تجارية متنوعة في الكويت والسعودية ودول خليجية وأجنبية شملت امتلاك مجمعات تجارية واستثمار عقاري، وسلسلة مطاعم ومدارس وغيرها. وقد عُرف عنه دعمه المادي لطلاب العلم في الجامعات وتشجيعه لتلقي العلم.

أما محمد علي العبدالمحسن البسام (1949 – 2010)، فهو تاجر مشهور، عُرف عنه كرمه السخي عبر الحدود، فقد بنى عدة مساجد ومدارس في دول عربية منها سورية والعراق باسم والده، وكفل العديد من الأيتام، وحرص على إقامة موائد إفطار الصائم في المساجد طوال أشهر رمضان. هذا إلى جانب المساعدات العينية والمادية والغذائية التي كان يوزعها على الأسر المحتاجة في الكويت والأردن وسورية، والتي كان يشرف على توزيعها بنفسه ليتأكد من وصولها بشكل مباشر. وجميع أعماله الخيرية بقيت طيّ الكتمان لأن عمله كان خالصاً لوجه الله تعالى.

ولم تقتصر الأعمال الخيرية في العائلة على رجالها فقط، فقد سجلت نساؤها أعمالاً مشرفة يحرصن على كتمانها. من أولئك النساء السيدة عزيزة محمد البسام التي سخرت جل وقتها لأعمال الخير داخل وخارج الكويت. والسيدة دلال حمد البسام، وأخريات.

 

0 التعليقات:

أضف تعليقك