التنويع يساهم في تحقيق عوائد أكثر استقراراً
قالت مجموعة الوطني للثروات ضمن تقارير قيادة الفكر، أن مبدأ «لا تضع كل البيض في سلة واحدة» شكل حجر الأساس لإستراتيجيات إدارة المخاطر على مر العصور. وجسد شكسبير هذا المفهوم في مسرحيته «تاجر البندقية» من خلال شخصية أحد أبطال الرواية ويدعى أنطونيو، الذي جنبه التنويع في استثماراته خسائر كبيرة. ويتجلى هذا النهج بوضوح عبر التاريخ، اذ اعتمد المزارعون على زراعة محاصيل متعددة لضمان استدامة إنتاجهم، فيما لجأ القادة إلى بناء تحالفات استراتيجية لتعزيز استقرارهم، الأمر الذي يعكس الإدراك العميق للتنويع كوسيلة للحماية وتحقيق التوازن.
واوضحت بتقريرها انه في منتصف القرن العشرين، ومع تطور الأسواق المالية وازدياد تعقيدها، قدم الباحث الاقتصادي هاري ماركويتز (Harry Markowitz) إطاراً رياضيا متكاملاً من خلال نظرية المحفظة الحديثة Modern Portfolio Theory (MPT)، التي وضعت الأسس والمبادئ الرئيسية لإنشاء المحافظ الاستثمارية المتنوعة. تعتمد المحفظة المتنوعة على توزيع الاستثمارات بين فئات أصول مختلفة، مثل الأسهم والسندات والعقارات، والتي يتميز كل منها بمستويات متفاوتة من المخاطر والعوائد المتوقعة، مما يساهم في تحسين الأداء العام والحد من المخاطر.
وتابعت: أدرك ماركويتز أن العنصر الحاسم في بناء المحفظة لا يكمن فقط في أداء كل استثمار على حدة، بل في كيفية تفاعله مع باقي الأصول ضمن هذه المحفظة. فمن خلال الجمع بين أصول غير مترابطة أو ذات ارتباط سلبي، يمكن لأن يتم الحد من المخاطر من دون التضحية بالعوائد. هذا المفهوم يشكل جوهر نظرية المحفظة الحديثة، التي تهدف إلى تحقيق التوازن الأمثل بين العوائد والمخاطر.
نهج متنوع
ولفت التقرير الى ان هذا التحليل يستعرض الأداء السنوي لمختلف استراتيجيات الاستثمار في الأسواق الخاصة خلال الفترة الممتدة ما بين 2010 - 2024، إلى جانب متوسط العوائد السنوية على مدى 15 عاماً. وتشمل الأسواق الخاصة الاستثمارات في الأصول غير المدرجة في الأسواق المالية، مثل عمليات الاستحواذ (buyouts)، ورأس المال الاستثماري الجريء (venture capital)، والإقراض المباشر، والعقارات، والبنية التحتية.
وزاد: توفر «المحفظة المتنوعة»، التي تعتمد على تخصيص متوازن عبر جميع الاستراتيجيات المتاحة، نظرة شاملة لأداء الأسواق الخاصة، مما يساهم في الحد من التقلبات والمخاطر الاستثمارية المرتبطة بكل استراتيجية على حدة.
وافاد التقرير ان عوائد الاستراتيجيات الفردية تظهر تذبذباً ملحوظاً على مر السنوات ما بين 2010 و2024. فعلى سبيل المثال، شهد رأس المال الاستثماري الجريء انتعاشاً قوياً في عامي 2020/2021 قبل أن يتراجع في عام 2022، بينما مرت الاستثمارات العقارية بدورات صعود وهبوط ملحوظة، خاصة خلال السنوات الثلاث الأخيرة.
في المقابل، توفر «المحفظة المتنوعة» عوائد أكثر استقراراً واتساقاً، بعيداً عن التقلبات الحادة التي تشهدها الاستراتيجيات الفردية. ويساهم التنويع عبر استراتيجيات الأسواق الخاصة في الحد من تأثير الأداء الضعيف لأي قطاع محدد، إذ تتيح المكاسب في بعض المجالات تعويض الخسائر في غيرها، مما يؤدي إلى تحقيق عائد أكثر توازناً واستدامةً على المدى الطويل
0 التعليقات:
أضف تعليقك