• رئيس التحرير: ماجد التركيت
الأحد 09/مارس/2025
العملات الرقمية في الكويت  "بين التطور التكنولوجي والمخاطر القانونية"

العملات الرقمية في الكويت "بين التطور التكنولوجي والمخاطر القانونية"

مما لاشك فيه قد أصبحت العملات الرقمية محور اهتمام عالمي في السنوات الأخيرة، حيث شهدت انتشارًا واسعًا كوسيلة استثمارية وتقنية مالية متقدمة. تعتمد هذه العملات على تقنية البلوكتشين (Blockchain)، وهي قاعدة بيانات لامركزية تسجل جميع المعاملات بطريقة آمنة وشفافة. ومن بين أشهر العملات الرقمية البيتكوين (Bitcoin)، الإيثيريوم (Ethereum)، والريبل (Ripple) ، وعلى الرغم من تزايد شعبية هذه الأصول الرقمية، فإن موقف الدول تجاهها يختلف، ففي حين أن بعض الدول تبنتها ونظمتها قانونيًا، فإن دولًا أخرى، مثل الكويت، اتخذت موقفًا حازمًا تجاهها، محذرة من مخاطرها وحظر التعامل بها.

 

أما بشأن موقف دولة الكويت من العملات الرقمية فنشير إلى أنه في عام 2023، أصدرت الكويت قرارًا رسميًا يحظر التعامل بالعملات الرقمية، سواء كوسيلة دفع أو استثمار، إضافةً إلى حظر عمليات التعدين. جاء القرار بتوجيه من عدة جهات رقابية، أبرزها : " بنك الكويت المركزي ، و هيئة أسواق المال ، ووزارة التجارة والصناعة ، و وحدة تنظيم التأمين " . 

وقد تضمن الحظر منع إصدار تراخيص للشركات التي تقدم خدمات متعلقة بالعملات الرقمية، مما يعني أن أي نشاط تجاري أو فردي يتعلق بهذه الأصول قد يعرّض صاحبه للمساءلة القانونية.

وترجح الكويت موقفها الرافض للعملات الرقمية إلى عدة اعتبارات قانونية واقتصادية، أبرزها:

  1. مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب : فقد تعتبر العملات الرقمية وسيلة قد تُستخدم في إخفاء مصادر الأموال غير المشروعة بسبب صعوبة تتبعها، مما يتعارض مع جهود الكويت في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والتي تتماشى مع المعايير الدولية لمجموعة العمل المالي (FATF).
  2. غياب الرقابة المركزية : حيث أنه وعلى عكس العملات التقليدية التي تصدرها البنوك المركزية، فإن العملات الرقمية لا تخضع لأي جهة رسمية، مما يزيد من مخاطر التلاعب والاحتيال المالي.
  3. التقلبات السعرية العالية  : ذلك أن العملات الرقمية معروفة بتذبذب أسعارها الكبير، مما يجعلها استثمارًا كبير المخاطر. فمثلاً، قد يفقد المستثمر مبالغ ضخمة في وقت قصير نتيجة تغيرات السوق غير المتوقعة.
  4. عدم الاعتراف القانوني : تعتبر الدينار الكويتي العملة الرسمية الوحيدة المعترف بها في الكويت، وأي محاولة لاستخدام العملات الرقمية كبديل قد تؤدي إلى مشاكل قانونية للمستخدمين.
  5. حماية الاقتصاد المحلي : فالجهات الرقابية ترى أن تداول العملات الرقمية قد يشكل تهديدًا للاستقرار الاقتصادي إذا لم يكن خاضعًا لتنظيم واضح، مما دفعها إلى فرض قيود صارمة على استخدامها.

 

ووفقا للإطار القانوني ووفقًا للقانون الكويتي، فإن أي شخص يخالف الحظر المفروض على التعامل بالعملات الرقمية قد يتعرض لعقوبات تشمل "  الغرامات المالية الضخمة والسجن وفقًا للقانون رقم 106 لسنة 2013 بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ، يضاف الى ماتقدم إيقاف النشاط التجاري أو إلغاء الترخيص بالنسبة للشركات المخالفة.

 

وبشأن تأثير الحظر على الأفراد والشركات ،  بالنسبة للأفراد لا يمكنهم شراء أو بيع العملات الرقمية داخل الكويت بشكل قانوني ، كما لا يمكنهم استخدام العملات الرقمية كوسيلة دفع أو استثمار داخل البلاد بما مفاده ومؤداه أن أي تعامل مع هذه الأصول قد يعرض الأفراد  للمساءلة القانونية ، أما بالنسبة للشركات ، فلا يمكنها تقديم خدمات متعلقة بالعملات الرقمية مثل إنشاء منصات تداول أو تقديم استشارات استثمارية ، وكذلك يحظر عليها قبول العملات الرقمية كوسيلة للدفع ، وفي حال المخالفة الأمر الذي قد يؤدي إلى إلغاء الترخيص وفرض غرامات مالية.

 

وفي الختام وعلى الرغم من الحظر الحالي، لا يمكن تجاهل حقيقة أن العملات الرقمية أصبحت واقعًا اقتصاديًا عالميًا، حيث تتبنى بعض الدول نماذج تنظيمية جديدة تتيح تداولها ضمن أطر قانونية. ومع استمرار تطور الأسواق المالية والتكنولوجيا المالية (FinTech)، قد تُعيد الكويت النظر في موقفها مستقبلاً، خاصة إذا تم وضع إطار تنظيمي صارم يحد من المخاطر ، بما مفاده أن دولة الكويت قد تتبنى نهجًا حذرًا وصارمًا تجاه العملات الرقمية، حيث حظرت التعامل بها استنادًا إلى مخاوف قانونية واقتصادية، لا سيما فيما يتعلق بغسل الأموال وتقلب الأسعار. ومع ذلك، يظل السؤال مفتوحًا: هل ستغير الكويت سياستها تجاه العملات الرقمية في المستقبل؟ هذا ما ستكشفه تطورات الأسواق المالية والسياسات النقدية في السنوات القادمة.

 

المحامي سالم سعد

0 التعليقات:

أضف تعليقك