عُيِّن مستشاراً بمكتب الشيخ جابر الأحمد الصباح وظل فيه حتى توفي في يونيو 1996
عبد العزيز حسين أول وزير دولة لشؤون مجلس الوزراء في حكومة 1963 (الحلقة السابعة)
- خاض غمار الأعمال التجارية والصناعية فأنشأ مكتبة ومصنعاً للتغليف لكن لم يحالفه التوفيق فيهما.
- طوال فترة توليه الوزارة كان يتمتع بالحكمة والتقدير وجميل الرأي وكان رمزاً للرجل الفياض بالمحبة.
- كانوا يسمونه "مهندس الوزارة" ورجل الدولة .. وعقل الدولة ومفكرها.
- كان يحمل الكثير من المشاريع الثقافية الكبيرة عربيّاً ومحليّاً وراح يسعى لتحقيقها على أرض الواقع.
بعد صدور دستور الكويت في نوفمبر من عام 1962 تمت الدعوة للانتخابات النيابية، وتشكلت أوَّل حكومة بعد الاستقلال وبعد وضع الدستور في الكويت، تَمَّ استدعاء عبدالعزيز حسين من سفارتنا في القاهرة وأسندت إليه حقيبة وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء في 28 يناير 1963. وظل فيها إلى عام 1965. وفي عام 1971 عاد وزيراً للدولة لشؤون مجلس الوزراء وظل حتى عام 1985، وعند تشكيل وزارة 1985 اعتذر عن المشاركة في الوزارة الجديدة، وتكريماً لجهوده وتقديراً لعطائه عُيِّن مستشاراً بمكتب صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح –رحمه الله- وظل فيه حتى توفي عصر الأحد 22 من شهر المحرم 1417هـ الموافق 9 من يونيو 1996م.
أما عن الفترة الواقعة من 1965 إلى 1970 التي لم يعمل فيها في الوزارة، فقد شغل نفسه بأعمال تجارية وصناعية، فأنشأ مكتبة ومصنعاً للتغليف، ولكنه لم يحالفه التوفيق فيهما لأن شخصية المثقف لديه أكبر من شخصية التاجر فيه.
وطوال فترة توليه الوزارة كان يتمتع بالحكمة والتقدير وجميل الرأي، وكان رمزاً للرجل الفياض بالمحبة، صاحب الفكر المستنير الفعال، وكانوا يسمونه "مهندس الوزارة"، ورجل الدولة ، وعقل الدولة ومفكرها.
انطلق عبدالعزيز حسين في عمله الوزاري من ثلاثة مبادئ:
المبدأ الأول: إن الانتماء العربي قَدَر وليس اختياراً، فنحن عرب سواء أردنا أم لم نرِد.
المبدأ الثاني: إن الوفرة المالية في الكويت سلاح ذو حدين.
المبدأ الثالث: إن الثقافة حقٌّ وواجب لكل مواطن، وكل وزير يجب أن يهتم بها وفي كل مجال.
عبد العزيز حسين والمشاريع الثقافية الثقيلة
كان عبدالعزيز حسين يحمل الكثير من المشاريع الثقافية الكبيرة عربيّاً ومحليّاً، وراح يسعى إلى تحقيقها على أرض الواقع، وقد حالفته الظروف في تحقيق بعضها بينما خالفته ظروف أخرى في تحقيق بعضها الآخر.
ويقول في إحدى مقابلاته الصحفية:
"... على أنه رغم مرور هذه الفترة الطويلة منذ عملي في التعليم فإنني أحس بأنني ما زلت مرتبطاً به وبمجاله التربوي والثقافي ولعل ذلك كان السبب الرئيسي في اهتمامي بالشؤون الثقافية خلال عملي في الوزارة وتأكيدي على دور الثقافة في التنمية، ومحاولة إقامة مؤسسات ثقافية، والإسهام في المنظمات الثقافية العربية والدولية، لما لها من أثر عميق في تقدم المجتمع ولاتساع مجالاتها وقدرتها على توثيق الروابط الوطنية والقومية والإنسانية".
ومن أهم السمات التي كان يتمتع بها عبدالعزيز حسين في عمله أنه دوماً كان يقرن عمل الدولة بالثقافة الحديثة والمحافظة على توازن المواطن بين المستجدات الحضارية ووعيه بها واستيعابها. وربما أكبر إسهام له في تاريخ النهضة في الكويت الحديثة أنه تمكن من أن يوفق توفيقاً كبيراً بين "الحداثة" و"التراث".
أولاً: المشاريع الثقافية العربية:
- الخطة الشاملة للثقافة العربية
أوصى مؤتمر وزراء الثقافة العرب في اجتماعهم في طرابلس "ليبيا" مطلع 1979 بدعوة المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إلى اتخاذ الإجراءات التنفيذية لوضع خطة شاملة لتنمية الثقافة العربية، وبتشكيل لجنة لهذه الغاية، وحين اجتمع المجلس التنفيذي للمنظمة في الطائف عام 1979 أصدر قراراً بتسمية عبدالعزيز حسين رئيساً للجنة بصفته الشخصية، وفي 15 أغسطس 1981 صدر قرار بتسميتها واختيار أمينها العام على النحو التالي:
الأستاذ عبد العزيز حسين - وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء - رئيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في دولة الكويت. (رئيساً)
الأستاذ الدكتور أحمد كمال أبو المجد- المستشار القانوني والدستوري لدى سمو ولي العهد ورئيس الوزراء. (عضواً)
الأستاذ أحمد مشاري العدواني- الأمين العام للمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت. (عضواً)
الأستاذ أديب اللجمي- مستشار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وكيل وزارة الثقافة السورية سابقاً. (عضواً)
الدكتور أنيس صايغ- المستشار في جامعة الدول العربية (فلسطين) (عضواً)
الأستاذ الدكتور شاكر مصطفى- الأستاذ في جامعة الكويت والوزير السابق في سوريا (عضواً وأميناً عامّاً)
الأستاذ شفيق الكمالي - الوزير السابق في العراق (عضواً)
الأستاذ الطيب محمد صالح- المستشار الإقليمي للاتصال في الدول العربية "اليونسكو" (السودان). (عضواً)
الأستاذ عبد الحميد مهري- رئيس لجنة الإعلام والثقافة والتكوين، عضو اللجنة المركزية لجبهة التحرير الجزائرية. (عضواً)
الأستاذ الدكتور عبد العزيز مقالح- مدير جامعة صنعاء (اليمن) (عضواً)
الأستاذ عبد الكريم غلاب- الوزير المنتدب لدى الوزير الأول (المغرب) (عضواً)
الأستاذ الدكتور محمد أحمد الرشيد- المدير العام لمكتب التربية العربي بدول الخليج (من السعودية). (عضواً)
الأستاذ الدكتور محمد أحمد الشريف الأمين- العام لجمعية الدعوة الإسلامية في ليبيا (عضواً)
الأستاذ الدكتور محمد جابر الأنصاري- الأستاذ في جامعة الخليج في البحرين (عضواً).
الأستاذ محمود المسعدي- رئيس مجلس الأمة التونسي (تونس) (عضواً)
الأستاذ الدكتور منصور الحازمي- عميد مركز الدراسات الجامعية للبنات بجامعة الملك سعود في الرياض (السعودية). (عضواً)
الأستاذ الدكتور ناصر الدين الأسد- رئيس المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية "مؤسسة آل البيت" (الأردن). (عضواً)
واتخذ عبدالعزيز حسين من الكويت مقرّاً للّجنة، وبات الأستاذ الدكتور شاكر مصطفى أميناً عامّاً لها، واستغرق العمل أربع سنوات، بحثت خلالها جوانب الثقافة العربية من خلال ستة محاور:
1-محور حفظ الهوية الحضارية للأمة من الغزو الثقافي.
2-محور الإبداع الثقافي وطرق دعمه والاستفادة من العقول المهاجرة.
3-محور العصرنة والارتباط بتقنيات العصر والتثقيف العلمي.
4-محور تعميم الثقافة في طبقات المجتمع.
5-محور إدارة الثقافة والتنسيق الثقافي المحلي.
6-محور العلاقات الثقافية مع الثقافات الأخرى.
وبعد اجتماعات عديدة وندوات كثيرة استمرت لسنوات في أقطار عربية شتى، وجهود مضنية بذلها أعضاء اللجنة والمفكرون والعلماء الذين أسهموا في هذه الاجتماعات والندوات، كانت الحصيلة في النهاية تقديم ستة مجلدات إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، الاثنان الأولان منها لعرض المواضيع والتوصيات، والثلاثة التالية تجمع مختلف البحوث، والمجلد الأخير للإحصائيات والاستبيان حول الأوضاع الثقافية الراهنة في كل قطر. وقد أقر مجلس الوزراء المسؤولين عن الثقافة في مؤتمره الخامس في تونس 26-28 نوفمبر سنة 1985 هذه الخطة بالإجماع، ثم ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية وقدمت إلى منظمة اليونسكو بوصفها إسهاماً عربيّاً من الدول العربية في العقد العالمي لتنمية الثقافة الذي بدأ سنة 1988.
ويقول الأستاذ عبد العزيز حسين في النهاية:
"كان التقرير موجهاً للحكومات العربية باعتبارها المُمسِكة بالسلطات التنفيذية والقادرة -إذا أرادت - على إحداث التطوير والتغيير والتنمية في كل مجالات الأنشطة الثقافية، كما كان أمام اللجنة كشف بواقع الحال الثقافي تستطيع الدول من خلاله أن تحدث التناسق المطلوب وأن تتدارك النقص حيث يوجد، وبالإضافة إلى ذلك فقد كان أمام اللجنة مجموعة من الدراسات كتبها متخصصون يعبرون عن آرائهم الشخصية يمكن أن تكون مؤشرات عمل في كل ميدان على حدة. وقد رأينا أن ننشر كل ذلك وأن نُلحق به ثبتاً للعدد الكبير من المساهمين في عمل اللجنة منذ إنشائها لدلالة هذا الثبت على الغنى الفكري الذي تزخر به الأمة العربية والذي لا تفيد من وراء وجوده إلا بالنزر اليسير.
التقرير بصورته النهائية أُقِرَّ رسميّاً من الجامعة العربية وتم إرساله إلى المسؤولين في الدول العربية على مختلف المستويات، كما أنه أُرسل إلى عدد كبير من المثقفين. وقد تضمن التقرير في مقدمته دعوة إلى مناقشة ما ورد فيه من أفكار وتوصيات بحيث تصل محتوياته إلى أكبر عدد من المواطنين، وبرغم العديد من التعليقات والحوارات التي دارت بشأنه على صفحات الجرائد والمجلات فإنها في رأينا لم تكن كافية، إذ إن التقرير زاخر بما يثير النقاش والتأمل والنقد.
أما ردود الفعل الرسمية أو تحرك الأجهزة الحكومية للإفادة من التقرير فلا علم لنا بأي مجهود عملي قام به جهاز عربي للإفادة من هذا العمل الذي تبنّته.
لهذا فإننا نتمنى أن تقوم كل دولة عربية بتكوين لجنة ذات مستوى رفيع لتدارس التقرير، ومعالجة ما لديها من نقص على ضوء توصياته، ثم تكليف ضباط اتصال لهذه اللجان للتنسيق القوي في الأنشطة الثقافية بين الدول العربية، ودون مثل هذا الاهتمام يغدو التقرير مجرد كتاب آخر يوضع في المكتبات العربية، قد يرجع إليه باحث أو يطالعه قارئ.
أما الترجمتان الإنجليزية والفرنسية فقد حرصنا على إصدارهما لعدة أسباب: أهمها تقديم الفكر العربي والثقافة العربية ومكوناتها ومستقبلها والعوامل المشتركة الثقافية بين البلاد العربية إلى القارئ الأجنبي الذي لا يعرف عنا إلا القليل، ومنها أن نقدم إسهاماً عربيّاً في العقد الدولي لتنمية الثقافة العالمية الذي بدأ منذ عام.
وقد كنا نتمنى لو أسعفتنا الظروف لاستكمال إصدار ترجمة باللغة الإسبانية وربما بغيرها من اللغات".
ثانيا: الموسوعة العربية
كانت من أوائل المشاريع الثقافية القومية التي فكرت فيها جامعة الدول العربية، قال عبدالعزيز حسين ضمن لقاء الشهر الذي أجراه مصطفى نبيل معه ونُشر في مجلة "العربي" العدد 291 فبراير 1983م، عن هذا المشروع:
"بادئ ذي بدء أود أن أؤكد أن إصدار موسوعة عربية عمل قومي، يجب أن يُعطى الأولوية في المشروعات الثقافية القومية. ولقد شغل بال المهتمين بالثقافة العربية طيلة السنين الثلاثين الماضية.
لقد بدأ التفكير بإصدار هذه الموسوعة - كعمل جماعي عربي- في نوفمبر 1952 حين أوصى المكتب الدائم للجنة الثقافية بجامعة الدول العربية بتأليف لجنة فرعية لدراسة المشروع. وأكدت عدة مؤتمرات عقدتها جامعة الدول العربية على أهمية هذا المشروع وضرورة البدء فيه.
وفي عام 1974 اقترح المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بالكويت على المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ترجمة موسوعة أجنبية مع إدخال تعديلات على هذه الترجمة في المواد التي تتصل بديننا وتاريخنا وحضارتنا وجغرافية بلادنا بحيث يكتب هذه المواد متخصصون عرب. ودرست المنظمة العربية هذا الاقتراح وانتهت إلى إصدار توصية تطالب بأن تتعاون المنظمة العربية ومنظمة اليونسكو في دراسة مشروع إصدار "موسوعة شاملة باللغة العربية سواء كان ذلك بالتأليف أم بالترجمة والاقتباس من الموسوعات الأجنبية أم بالطريقتين معاً".
وكلفت المنظمتان عدداً من الخبراء لتقديم دراسات حول المشروع، وبناءً على دعوة من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب عقد اجتماع في الكويت في ديسمبر من عام 1978، نوقشت فيه دراسات مقدمة من الدكتور عبدالرحمن بدوي، والدكتور محمد يوسف نجم، والدكتور محمد أحمد خلف الله، والدكتور علي مختار، والدكتور شاكر مصطفى. وانتهى الاجتماع إلى دعوة المنظمة العربية إلى المبادرة لوضع موسوعة عربية عامة تتيح للمثقف العربي أن يطلع على ما توصل إليه الفكر الإنساني في شتى حقول المعرفة، ووضع الاجتماع تصوره لهذه الموسوعة.
وقد قدم تقرير لجنة الخبراء هذه إلى الدورة الثانية لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي التي عقدت في طرابلس في الجماهيرية الليبية في فبراير من عام 1979، ولم يتخذ المؤتمر قراراً حاسماً في هذا الموضوع، وإنما طالب المنظمة العربية بإثراء الدراسات المتوافرة لديها، وإعداد تقرير مفصل شامل بخصوصها على أن يعرض هذا في الدورة الثالثة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
وفي هذه الأثناء تلقت المنظمة العربية من وزير التربية في الجمهورية العربية السورية رسالة تقول إن الحكومة السورية قد وضعت الدراسات الخاصة بإصدار موسوعة عربية كبرى، تتولاها شركة عربية مساهمة، تتخذ من دمشق مقرّاً وبرأسمال قدره خمس وعشرون مليون دولار، موزعة على خمسة وعشرين ألف سهم تشارك فيها الدول العربية. وسجلت الجمهورية العربية السورية نفسها عضواً في الشركة يمتلك ألفين وخمس مئة سهم.
تقرير مفصل عن مشروع الموسوعة العربية
قامت المنظمة العربية بناء على توصية مؤتمر طرابلس بتكليف الدكتور شاكر مصطفى بوضع تقرير مفصل عن مشروع الموسوعة العربية، يستند إلى جميع الدراسات المتوفرة لدى المنظمة وقد جاء في تقريره أن الحجم المقترح للموسوعة يتراوح ما بين 25 و30 مجلداً يتم الإعداد لها ويتم نشرها خلال اثني عشر عاماً وتبلغ تكلفتها 32 مليون دولار، وتتولى المنظمة العربية إصدارها ويتولى وزراء الثقافة البت في طرق تمويلها.
وقد قدم هذا التقرير الذي أمدته المنظمة العربية إلى الدورة الثالثة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي، والتي عقدت في بغداد في نوفمبر من عام 1981. وقد وافق المؤتمر على المشروع، وأوصى المنظمة العربية بأن تبادر إلى إقامة مؤسسة خاصة بهذا المشروع تتولى الإشراف عليها ومتابعة أعمالها وأن تمول الدول العربية هذه المؤسسة بنسبة مشاركتها في ميزانية جامعة الدول العربية، وأوصى المنظمة العربية بأن تبادر إلى عقد اجتماع لهيئة تأسيسية استشارية تقترح الخطوات العملية للبدء في تنفيذ المشروع.
وكانت دولة الكويت قد تقدمت للمؤتمر بطلب استضافة هذا المشروع كما تقدمت بالطلب نفسه كل من الجمهورية العراقية والجماهيرية الليبية. وقد تنازلت كل من دولة الكويت والجماهيرية الليبية عن طلبيهما فقرر المؤتمر أن تكون الجمهورية العراقية مقرّاً للمشروع.
ومن المنتظر أن تجتمع الهيئة الاستشارية للمشروع في بغداد في فبراير من عام 1983م، وإننا نرجو أن تتلو ذلك خطوات عملية حثيثة لتنفيذه، وأن تأتي الموسوعة العربية محققة لكل آمال من فكروا فيها، وأن تسهم فيها جميع الأقلام العربية الجادة من مختلف أرجاء الوطن العربي، وأن تكون موضعاً لاعتزازنا الفكري وكبريائنا القومي".
0 التعليقات:
أضف تعليقك