• رئيس التحرير: ماجد التركيت
الأحد 09/مارس/2025

الضريبة: خطوة نحو اقتصاد مستدام وعدالة اقتصادية

الضريبة: خطوة نحو اقتصاد مستدام وعدالة اقتصادية

 تسارع التطورات الاقتصادية العالمية وتزايد التحديات التي تواجه الاقتصادات المحلية، تأتي الضريبة كأداة استراتيجية لتأمين استدامة مالية للدولة وتعزيز بنيتها الاقتصادية. وفي الكويت، يشكل تطبيق الضريبة على الكيانات متعددة الجنسيات ابتداءً من يناير 2025 خطوة نوعية نحو تعزيز موارد الدولة وتنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد المفرط على النفط.

إن أهمية الضريبة لا تقتصر على زيادة الإيرادات الحكومية فقط، بل تمتد إلى تعزيز العدالة الاقتصادية وضمان توزيع أفضل للعبء المالي بين مختلف القطاعات. فمن خلال فرض الضرائب على الشركات متعددة الجنسيات، يتم تحقيق منافسة عادلة بينها وبين الشركات المحلية، مما يفتح المجال أمام القطاع الخاص للنمو ويخلق فرص عمل جديدة للشباب الكويتي الطموح.

النظام الضريبي العادل هو الركيزة الأساسية لضمان توزيع متوازن للأعباء المالية بين أفراد المجتمع والقطاعات المختلفة. من خلال فرض الضرائب وفقاً للقدرة الاقتصادية لكل كيان، يتم تعزيز مبدأ المساواة الاقتصادية وتخفيف الفجوة بين الشرائح المختلفة. علاوة على ذلك، يساهم هذا النظام في ضمان تكافؤ الفرص بين الشركات المحلية والأجنبية، مما يعزز بيئة أعمال صحية ومستدامة ويحفز الابتكار والتطوير في السوق المحلية.

كما يهدف النظام الضريبي العادل إلى حماية الفئات ذات الدخل المحدود من تحمل أعباء مالية غير متناسبة مع قدراتها. ويتم تحقيق ذلك عبر تصاعد الضرائب مع زيادة الأرباح أو الدخل، مما يضمن أن تسهم الفئات الأكثر استفادة من اقتصاد الدولة بنصيب أكبر في دعم التنمية. هذا بدوره يعزز الشعور المشترك بالمسؤولية تجاه الاقتصاد الوطني، ويؤكد على التزام الدولة بتحقيق مصلحة جميع أفراد المجتمع.

التجارب الإقليمية والدولية أكدت أن الضرائب ليست عبءاً كما يتصور البعض، بل هي استثمار في مستقبل الدولة. فقد ساهم تطبيق ضريبة القيمة المضافة في دول مجلس التعاون الخليجي في تحقيق نمو كبير في الإيرادات الحكومية، حيث سجلت بعض الدول زيادة تصل إلى 30% في العام الأول من التطبيق.

وفي الكويت، حيث تبلغ نسبة الإيرادات الضريبية إلى الناتج المحلي الإجمالي حوالي 1.5% فقط، فإن تطبيق هذا النظام يمثل فرصة لرفع هذه النسبة إلى مستويات تتماشى مع الاقتصادات المتقدمة. هذا بدوره سيساعد على تعزيز قدرة الدولة على تمويل المشاريع التنموية وتحقيق الاستقرار المالي على المدى البعيد.

لكن نجاح هذه الخطوة يعتمد بشكل كبير على إدارة فعالة وشفافة من قبل الجهات المعنية، إلى جانب توعية المجتمع والشركات حول فوائد الضريبة وأهميتها في تحقيق اقتصاد مستدام ومتوازن.

ختاماً، الضريبة ليست مجرد سياسة مالية، بل هي جزء من رؤية اقتصادية شاملة تضمن استدامة الازدهار والتنمية للأجيال القادمة. والكويت، بمواردها البشرية وإرادتها الصلبة، قادرة على تحقيق هذا التحول بنجاح.

دمتم بود.

0 التعليقات:

أضف تعليقك